Wednesday, November 21, 2007

ديّن.. ملتزم.. إسلامي.. رجل دين

ديّن.. ملتزم.. إسلامي.. رجل دين

تكثر في مجتمعاتنا و أوساطنا المحلية و العربية, و الإسلامية بشكل أعم, مصطلحات ما أنزل الله بها من سلطان, و لا تدخل في عقل مفكر أو مدبّر أو من هو للحقيقة ظمآن, و من هذه المصطلحات أو الأوصاف إن صح تسميتها هو و صف فلان بأنه: إسلامي.. أو ملتزم... أو ديّن.. و الأدهى و الأمر وصف العالِـم (المسلم) بـ رجل دين! قد لا تلتفت لهذه المسميات, أو قد تستغرب من استنكاري لها, أو اشمئزازي عند سماعها, بغض النظر عن الواصف أو الموصوف بها, لكن لنرجع البصر إليها كرتين لنر مدلولاتها و أبعادهاـ

لا يخفى على الكثير مدى شمولية ديننا الحنيف, فهو أعمّ و أشمل من أن يُـختزل في دائرة محدودة أو مجال معين من مجالات الحياة, فالنصوص القرآنية, و الخطابات الربانية, و الأحاديث النبوية, و التي يزخر بها تراثنا العظيم, تتكلم في كل شأن من شؤون الحياة, من فقه تنظيم العلاقات السياسية بين الدول و الأمم و الشعوب, إلى فقه و آداب قضاء الحاجة أجلكم الله! و ما من صغيرة و لا كبيرة في حياتنا إلا و قد أحصاها فقهنا الإسلامي, و ضمها بين جناحيه و غلفها بغلاف إسلامي حصين, يصلح لكل زمان و مكان, قارن هذا مع ما صبت إليه الكنيسة الكاثوليكية على سبيل المثال, و التي حرّمت تعلم العلوم على أتباعها, و صار طلب العلم الدنيوي جريمة يعاقب فاعلها أشد العقاب, و بعد الانقلاب الكبير و الثورة على الكنيسة, تمسك عدد منهم بالمسيحية كاحتراف, فصارت هناك وظائف لأصحاب الكنائس, و أطلق عليهم لقب (رجال دين), لأن حياتهم أضحت لا تعرف إلا الرهبانية, و أصبح هناك صنفان من البشر: رجال دنيا و رجال دين, لم يستقر الأمر على ذلك, بل أصبح رجال الدين هم الفئة التي اختارها الله .. باعتقادهم, فهم معصومون من الخطأ, لا يعصون الله ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون!!ـ

لذلك, ارتبط في أذهان الكثير عندنا, أن رجل الدين هو النموذج الملائكي من البشر, و جـُـلب هذا التصور -بالطبع- من النصارى, والذين فرقوا دينهم عن دنياهم, فأصابت البعض عندنا شظايا فكرهم, و حمم تخلفهم, و تلبس تعميمهم, و مما زاد الأمر سوءا و تخلفا, أن (رجال الدين) المسلمين, كما يحلو للبعض تسميتهم, هم أنفسهم صدقوا هذا المسمى, ووضعوا حواجز نفسية, مادية و معنوية, بينهم و بين عامة العباد, و ينبغي الاعتراف بالنتائج النفسية السلبية التي تحدثها هذه المسميات و الأوصاف على نفسية بعض الموصوفين بها, فتجد من يوصف
بأنه (ملتزم) يختلف لبسه عن لبس أترابه, و يميز نفسه بسمات و علامات توحي بأنه قد ضمن الفردوس الأعلى من الجنة, فتحرم عليه الابتسامة, فهي باعتقادهم ليست من المروءة, و لا تمت للسمت الإسلامي بأي صلة, و حتى أنّ بعضهم يرى كيّ الغترة أو لبس الجميل من الثياب, من السبع الموبقات! حاشى ديننا السمح هذه الخدع, و هذا الدجل و التشويه, و الذي يسوّقه بعضا ممن يعتبر نفسه مخلصا و متقنا لدينه. فأصبح المتابع البسيط, و الشخص العامي, يرى في هذه الفئة الكمال البشري, فما إن يخطأوا في أمر ما, حتى نسمع أبواق العلمانية تطعن و تطحن في ديننا الحنيف, و تعلن على الإسلام حربا ضروسا لا هوادة فيها, و السبب هو أننا ظننا هذه الفئة (الملتزمين) رسل الله في الأرض, فأخطأنا نحن في تسميتهم, و أخطأنا في فهم وظيفتهم و ماهيتهم, و أخطؤا هم (الملتزمين) عندما ظنّوا أنهم جماعة مختارة من الله, و أخطأ العلماني عندما ظن أن الشخص (الملتزم) هو الممثل الأوحد و المثالي لشرع الله في الأرض ـ

و استأت كثيرا عندما كنا في إنتظار دخول خطيب الجمعة بأحد المساجد, فإذا به يهم بالدخول و عليه اللبس الأزهري, و يشق صفوف المصلين واحدا تلو الآخر, تأملت في المنظر و بالفروقات التي أحدثها هؤلاء, فلماذا نميز خطيب الجمعة أو خريج الأزهر بلبس يختلف عن لبس بقية العباد؟ ليتأمل أحدنا في أحد الأسواق في الدول النصرانية, لير هذا التمييز في أوجه, رجال دين بزيّ يختلف عن ألبسة عامة الشعب. هل كان لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم زيّـا يختلف عن زيّ أصحابه الكرام؟ و هل كان لأحد من خلفائه
(الراشدين) جبّة مختوم عليها بختم توحي بأنه (ولي من أولياء الله)!!ـ

و نسمع كثيرا في الأوساط السياسية بعضا من هذه الأوصاف العقيمة كذلك, كقول أحدهم: هذا نائب إسلامي, فهل يعني أن النائب المجاور له مثلا.. بوذي؟ أو كقول آخر: الكتلة الإسلامية, و هل الكتلة المنافسة لها... مجوسية؟
أو كما يقال كثيرا: فلانا (ملتزما)... أو (ديّن) و كأن البقية من الناس لا دين لها! و هل من وصفناه بالالتزام, ملتزما بحذافير هذا الدين و ممثلا شرعيا له؟ أم أنه بشر مثلنا (يحاول الالتزام) فيخطأ و يصيب؟

لندقق أكثر في مسمياتنا و تسمياتنا, و لنختر من هذه المسميات ما هو نابع من ديننا الإسلامي, و هل هناك أفضل من التسمية التي اختارها الله لنا: (ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً و قال إنني من المسلمين فكلنا مسلمين و لله الحمد, و كلنا عبادا لله, و لا فرق بين عربي و لا عجمي إلا بالتقوى, كيف لا و الناس سواسية عند الله كأسنان المشط, و قد تجد العامل أو الخادم أو السائق و الذي يصلي جنبك في المسجد, و الذي ينظر إليه البعض نظرة ازدراء و احتقار, لتجده و ليا من أولياء الله, لو أقسم على الله لأبرّه, فما احتاج للقب (ديّن) و لا لوصف (ملتزم), و لم يكن في يوما من الأيام... (رجل دين)!!ـ

Brilliant
Nov/07

17 comments:

wafa'a said...

أتفق معك بأن مصطلح رجل دين لم يكن من الإسلام بشيء , بل هو للنصاري أقرب.

أما لفظ ديّن و ملتزم فهي ألفاظ درج استخدامها في العامية , حتى أضحت ماركة مسجلة ! :)

قد لا يكون اعتراضي على استخدامها بحجم اعتراضك , لكني أيضاً أستغرب من تداولها و إن كنت أتفهم انها لم تأتِ إلا عن طريق التداول الاجتماعي لها .. مثلها كمثل غيرها من الألفاظ

كان د.محمد الثويني يقول دائماً كلنا ملتزمين , مو بس فلان و فلان .. إلا أننا جميعاً نختلف فيما بيننا بدرجة التزامنا . فهذا ملتزم شديد و آخر ملتزم وسط و ثالث ملتزم ضعيف .. أي أن المقياس لدية بدرجة الالتزام.

------

على الهامش , موضوع حسن البنا سأفي بوعدي و أدرجه لاحقاً , أما خاطرة الخمر فلم أجد إلا عنوانها :\
لذا اقتضى التنويه حتى لا أكون ممن يخلف بوعوده .

تحياتي

Selezya said...

يعطيك العافيه على هالبوست :)
حتى الحين كل من تكلم شوي بالدين قلنا عنه متدين .. وتبي الصج وايد طالعه عندنا يالبنات
تلقى اي بنت تقول جم كلمة بالدين .. خلاص قلنا بنيه ملتزمة ودينة
شكرا مره ثانية

Brilliant said...

الأخت
Loyalty
شكرا جزيلا لنقلك راي الشيخ محمد الثويني و الذي أراه صائبا مئة بالمئة... لكن الإشكال في أن الكثير لا يرون هذا اللقب مثلما يراه الثويني... فهو عندهم أن من يطلق عيه لقب دين أو ملتزم هو كرسول مرسل أو ملك مقرب!ـ
----------------
بانتظار موضوع الإمام البنا... بالتوفيق أختي الكريمة
:)

Brilliant said...

العزيزه
selezya
فعلا.. يحزنني شخصيا من يظن أن الدين حكرا لشخص معين أو لجماعة ما, و الرسول عليه الصلاة و السلام قال بلغوا عني و لو آية!!فالكل له الحق أن يتكلم بالدين لكن بعلم, و يجب أن لا ننسى كذلك أنه ليس كل من تكلم بالدين... نجعله في منزلة التقديس و التعظيم
شكرا على مرورك الكريم
:)

فتى الجبل said...

وثلاثة أرباعهم ما يعرفون من الدين الا اسمه

الحارث بن همّام said...

لا يطلق مصطلح (رجل دين) على عالم مسلم إلا شخص متأثر بالثقافة النصرانية التي من مبادئها العلمانية : دع مالله لله وما لقيصر لقيصر ..

أما ديننا يختلف أصله عن أصل النصرانية الذي يفصل رجال الدين عن رجال السياسة أو أهل الأمر

لفتة طيبة بارك الله فيك

Eng_Q8 said...

كل من حط لحيه وقصر دشداشته صار رجل دين واهو يمكن مو حافظ الفاتحه

Anonymous said...

أخينا برلنت

ما شاء الله .. أكمل الله نور بصيرتكم وأنار لكم دروبكم ووفقكم إلى ما يحب ويرضى

بالفعل أصبح التسميات عديدة .. مسمى رجل دين فيه من التفرقات العديدة التي تشق صدور الناس .. هذه المسميات تسبب ثغرات في مجتمعاتنا الإسلامية .. تسبب هذه الثغرات في توليد أجواء جماعية وهذه الجماعات لا تخلو أيضا من المسميات

((( وجهة نظري )))) أرى إن

تسمية هذا من الإخوان وهذا من السلفية وهذا من الوهابية وهذا من الصوفية .. هم يدعون إنهم كذلك لكنني لا أعترف بهذا الشيء لأنني لا أرى سوى التحيز والإسلام دين توحيد .. مايدعون أنفسهم ليس سوى فكر منغلق هداهم الله قد نرا منهم من وصل للشهادات العليا ولاننكر ذلك ونرا منهم من توفق على ذاك بعلمه وأيضا لا ننكر ذلك لكن يوجد هناك نقطة يقفون عندها ولا يرضون المناقشة الهادئة فيها لماذا لأنهم يظنون هم خير أتباع أمة .. وإنهم لا يخطؤون .. بل غيرهم من الممكن أن يخطئ ..

فأنا أشد على يدكم وأقول يا أخينا برلنت بارك الله في ماتفضلتم به

وإليكم هذا الرابط من ما قمت بوضعه بشبكة يوتوب وفيه بعض ماذكرناه هنا

http://www.youtube.com/watch?v=dWyY0dH3yLI

نسأل الله أن يزيدكم من فضله فهو الغني عن ذلك

بارك الله فيكم ..

الزين said...

I like what u wrote

definatly am coming back

ReLaaaX said...

ماشالله عليك يبتها ييب :))
بالضبــــــــط هذا اللي دايماً أحب أنبه عليه

أأيدك بكل كلمة ذكرتها

Anonymous said...

بكل صراحة المقال صريح وجريء في الطرح وانا اوافقك تماما ...ولكن ماهي التسميه المناسبة التي يمكن اطلاقها على الملتزمين بتعاليم الدين(رجال الدين)...فهذه الشريحة يجب ان تميز عن غيرها ممن يكون الاسلام ديانة لها على الاوراق فقط...وأقصد بمن يجب ان يميزوا،اولئك الاتقياء من فرسان المسلمين ،وليس من تقمص مظهرهم الخارجي وهو في الحقيقة الاسلام بالنسبة له
ديانة على ورق فقط.
مع تحيات (لولو

Nora said...

استمتعت برقي الفكر و الطرح
:)
.
.
الخطأ يقع على العامة ليس فقط في تداول هذه المسميات

بل وقعنا في خطأ اكبر
حين تجاهلنا الدين و بدأنا بالاتكال =الكلي احياناوالجزئي في احوال بسيطة =

عليهم كمصدر مقدس الهي للاسلام

كانوا في فجر الاسلام
طلبة علم .. الكل يسأل الكل يبحث
و المعلم واحد عليه الصلاة و السلام

و استمروا على النهج ذاته
و تميز من فتح الله عليه
لكن..لا زال الكل يطلب العلم
و يناقش و يعمل عقله


وصلت الفكرة صح ؟؟
:)

شخصيا ارى المجتمع قد صحى و اصبحت نظرته اعمق قليلا

المظهر الشرعي للمرأة و الرجل

معروف و مقنع

لكنه يحدد الشكل الخارجي فقط

و لم يربط بين لحية طويلة و صلاة

هذا شي و ذاك شي ثاني

احترم من يلتزم باللبس الشرعي جدا

و المسلم يجاهد نفسه طول حياته و يوازن

اسفة على الاطالة لكن موضوعك مهم و متشعب

شكرا لاثارته
:)

Anonymous said...

ماشد انتباهي هو ان الموضوع قد ترجم واقعنا بشكل ممتاز ورائع،اعتقد كذلك هو انه جديد في الطرح.

شــكرا...وفي انتظار المزيد

Anonymous said...

عفوا عزيزي
ولكن تعليقي على الصورة
"سوق غنم" يسمعون لشاوي يدعي إنه عالم و رجل فاهم بينما ثقافته لا تتعدى كتيب على جم درس ديني 3 أرباعه عاطسوا و يرحمك الله او يزاك الله خير



لو انا من وزير الأوقاف أشلع كل واحد سمى نفسه شيخ دين و اضع شروط لهذا المسمى اللي صار يحمله كل من هب و دب و قصر دشداشته و لبس له شماغ او حاط على راسه تاير و عمامة سندباد
و المشكلة إنه رزق الهبل على الميانين اللي يسمعون لهم !
اهم شيخ شيخ الأحلام ولد النهام اللي صايدهم صيد بتفسير احلامه و خرابيطه ... صك على حظك اليوم

بس الصورة اللي انت حاطها للحين في راسي و حاشني القامت لما شفتها !

Brilliant said...

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أءسف حقيقة على هذا الإنقطاع
و الذي سببه الضغط الدراسي (العارم)ـ
و سأعاود الرد على التعليقات قريبا بإذن الله تعالى
شكرالمشاركتكم و إثراء النقاش
:)

Anonymous said...

لا داعي للإعتذار ما أنتم به من غربة هي بركة لكم في دينكم ودنياكم

هذا الإجتهاد ولا يكون بأقل من ذلك .. نسأل الله أن يبارك لكم بغربتكم ويجعلها خيرا لكم

أخينا برلنت مررت من هنا مجددا كي أهنئكم بهذا العيد السعيد

قد تكون غربتكم عن دياركم قاسية في بعض الأحيان لكن ما يطمئن القلوب هو ان أرض الله هي الواسعة ..

أخينا برلنت عيدا سعيدا

وحياة مباركة بإذن الله

كل عام وأنتم بخير :)

Q8PEN said...

اهنيك على الموضوع الرائع والراقي .. استمتعت فيه صراحة لأن وجهت نظرك وايد قريبة من اللي افكر فيه ..

معاي واحد بالجامعة لما درى اني اصلي ولله الحمد الخمس صلوات بالمسجد قام يسب وانا موجود ولا يجيب طاري المغنيات والممثلات والخ الخ .. يقول هذا مطوع دير بالك :) .. سبحان الله ..
ولا جنّه الصلوات الخمس خط أحمر وهي العهد بيننا وبين الكفار

شكر عالموضوع ..