ديّن.. ملتزم.. إسلامي.. رجل دين
تكثر في مجتمعاتنا و أوساطنا المحلية و العربية, و الإسلامية بشكل أعم, مصطلحات ما أنزل الله بها من سلطان, و لا تدخل في عقل مفكر أو مدبّر أو من هو للحقيقة ظمآن, و من هذه المصطلحات أو الأوصاف إن صح تسميتها هو و صف فلان بأنه: إسلامي.. أو ملتزم... أو ديّن.. و الأدهى و الأمر وصف العالِـم (المسلم) بـ رجل دين! قد لا تلتفت لهذه المسميات, أو قد تستغرب من استنكاري لها, أو اشمئزازي عند سماعها, بغض النظر عن الواصف أو الموصوف بها, لكن لنرجع البصر إليها كرتين لنر مدلولاتها و أبعادهاـ
لا يخفى على الكثير مدى شمولية ديننا الحنيف, فهو أعمّ و أشمل من أن يُـختزل في دائرة محدودة أو مجال معين من مجالات الحياة, فالنصوص القرآنية, و الخطابات الربانية, و الأحاديث النبوية, و التي يزخر بها تراثنا العظيم, تتكلم في كل شأن من شؤون الحياة, من فقه تنظيم العلاقات السياسية بين الدول و الأمم و الشعوب, إلى فقه و آداب قضاء الحاجة أجلكم الله! و ما من صغيرة و لا كبيرة في حياتنا إلا و قد أحصاها فقهنا الإسلامي, و ضمها بين جناحيه و غلفها بغلاف إسلامي حصين, يصلح لكل زمان و مكان, قارن هذا مع ما صبت إليه الكنيسة الكاثوليكية على سبيل المثال, و التي حرّمت تعلم العلوم على أتباعها, و صار طلب العلم الدنيوي جريمة يعاقب فاعلها أشد العقاب, و بعد الانقلاب الكبير و الثورة على الكنيسة, تمسك عدد منهم بالمسيحية كاحتراف, فصارت هناك وظائف لأصحاب الكنائس, و أطلق عليهم لقب (رجال دين), لأن حياتهم أضحت لا تعرف إلا الرهبانية, و أصبح هناك صنفان من البشر: رجال دنيا و رجال دين, لم يستقر الأمر على ذلك, بل أصبح رجال الدين هم الفئة التي اختارها الله .. باعتقادهم, فهم معصومون من الخطأ, لا يعصون الله ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون!!ـ
لذلك, ارتبط في أذهان الكثير عندنا, أن رجل الدين هو النموذج الملائكي من البشر, و جـُـلب هذا التصور -بالطبع- من النصارى, والذين فرقوا دينهم عن دنياهم, فأصابت البعض عندنا شظايا فكرهم, و حمم تخلفهم, و تلبس تعميمهم, و مما زاد الأمر سوءا و تخلفا, أن (رجال الدين) المسلمين, كما يحلو للبعض تسميتهم, هم أنفسهم صدقوا هذا المسمى, ووضعوا حواجز نفسية, مادية و معنوية, بينهم و بين عامة العباد, و ينبغي الاعتراف بالنتائج النفسية السلبية التي تحدثها هذه المسميات و الأوصاف على نفسية بعض الموصوفين بها, فتجد من يوصف
بأنه (ملتزم) يختلف لبسه عن لبس أترابه, و يميز نفسه بسمات و علامات توحي بأنه قد ضمن الفردوس الأعلى من الجنة, فتحرم عليه الابتسامة, فهي باعتقادهم ليست من المروءة, و لا تمت للسمت الإسلامي بأي صلة, و حتى أنّ بعضهم يرى كيّ الغترة أو لبس الجميل من الثياب, من السبع الموبقات! حاشى ديننا السمح هذه الخدع, و هذا الدجل و التشويه, و الذي يسوّقه بعضا ممن يعتبر نفسه مخلصا و متقنا لدينه. فأصبح المتابع البسيط, و الشخص العامي, يرى في هذه الفئة الكمال البشري, فما إن يخطأوا في أمر ما, حتى نسمع أبواق العلمانية تطعن و تطحن في ديننا الحنيف, و تعلن على الإسلام حربا ضروسا لا هوادة فيها, و السبب هو أننا ظننا هذه الفئة (الملتزمين) رسل الله في الأرض, فأخطأنا نحن في تسميتهم, و أخطأنا في فهم وظيفتهم و ماهيتهم, و أخطؤا هم (الملتزمين) عندما ظنّوا أنهم جماعة مختارة من الله, و أخطأ العلماني عندما ظن أن الشخص (الملتزم) هو الممثل الأوحد و المثالي لشرع الله في الأرض ـ
و استأت كثيرا عندما كنا في إنتظار دخول خطيب الجمعة بأحد المساجد, فإذا به يهم بالدخول و عليه اللبس الأزهري, و يشق صفوف المصلين واحدا تلو الآخر, تأملت في المنظر و بالفروقات التي أحدثها هؤلاء, فلماذا نميز خطيب الجمعة أو خريج الأزهر بلبس يختلف عن لبس بقية العباد؟ ليتأمل أحدنا في أحد الأسواق في الدول النصرانية, لير هذا التمييز في أوجه, رجال دين بزيّ يختلف عن ألبسة عامة الشعب. هل كان لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم زيّـا يختلف عن زيّ أصحابه الكرام؟ و هل كان لأحد من خلفائه (الراشدين) جبّة مختوم عليها بختم توحي بأنه (ولي من أولياء الله)!!ـ
و نسمع كثيرا في الأوساط السياسية بعضا من هذه الأوصاف العقيمة كذلك, كقول أحدهم: هذا نائب إسلامي, فهل يعني أن النائب المجاور له مثلا.. بوذي؟ أو كقول آخر: الكتلة الإسلامية, و هل الكتلة المنافسة لها... مجوسية؟أو كما يقال كثيرا: فلانا (ملتزما)... أو (ديّن) و كأن البقية من الناس لا دين لها! و هل من وصفناه بالالتزام, ملتزما بحذافير هذا الدين و ممثلا شرعيا له؟ أم أنه بشر مثلنا (يحاول الالتزام) فيخطأ و يصيب؟
لندقق أكثر في مسمياتنا و تسمياتنا, و لنختر من هذه المسميات ما هو نابع من ديننا الإسلامي, و هل هناك أفضل من التسمية التي اختارها الله لنا: (ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً و قال إنني من المسلمين)؟ فكلنا مسلمين و لله الحمد, و كلنا عبادا لله, و لا فرق بين عربي و لا عجمي إلا بالتقوى, كيف لا و الناس سواسية عند الله كأسنان المشط, و قد تجد العامل أو الخادم أو السائق و الذي يصلي جنبك في المسجد, و الذي ينظر إليه البعض نظرة ازدراء و احتقار, لتجده و ليا من أولياء الله, لو أقسم على الله لأبرّه, فما احتاج للقب (ديّن) و لا لوصف (ملتزم), و لم يكن في يوما من الأيام... (رجل دين)!!ـ
Brilliant
Nov/07
و استأت كثيرا عندما كنا في إنتظار دخول خطيب الجمعة بأحد المساجد, فإذا به يهم بالدخول و عليه اللبس الأزهري, و يشق صفوف المصلين واحدا تلو الآخر, تأملت في المنظر و بالفروقات التي أحدثها هؤلاء, فلماذا نميز خطيب الجمعة أو خريج الأزهر بلبس يختلف عن لبس بقية العباد؟ ليتأمل أحدنا في أحد الأسواق في الدول النصرانية, لير هذا التمييز في أوجه, رجال دين بزيّ يختلف عن ألبسة عامة الشعب. هل كان لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم زيّـا يختلف عن زيّ أصحابه الكرام؟ و هل كان لأحد من خلفائه (الراشدين) جبّة مختوم عليها بختم توحي بأنه (ولي من أولياء الله)!!ـ
و نسمع كثيرا في الأوساط السياسية بعضا من هذه الأوصاف العقيمة كذلك, كقول أحدهم: هذا نائب إسلامي, فهل يعني أن النائب المجاور له مثلا.. بوذي؟ أو كقول آخر: الكتلة الإسلامية, و هل الكتلة المنافسة لها... مجوسية؟أو كما يقال كثيرا: فلانا (ملتزما)... أو (ديّن) و كأن البقية من الناس لا دين لها! و هل من وصفناه بالالتزام, ملتزما بحذافير هذا الدين و ممثلا شرعيا له؟ أم أنه بشر مثلنا (يحاول الالتزام) فيخطأ و يصيب؟
لندقق أكثر في مسمياتنا و تسمياتنا, و لنختر من هذه المسميات ما هو نابع من ديننا الإسلامي, و هل هناك أفضل من التسمية التي اختارها الله لنا: (ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً و قال إنني من المسلمين)؟ فكلنا مسلمين و لله الحمد, و كلنا عبادا لله, و لا فرق بين عربي و لا عجمي إلا بالتقوى, كيف لا و الناس سواسية عند الله كأسنان المشط, و قد تجد العامل أو الخادم أو السائق و الذي يصلي جنبك في المسجد, و الذي ينظر إليه البعض نظرة ازدراء و احتقار, لتجده و ليا من أولياء الله, لو أقسم على الله لأبرّه, فما احتاج للقب (ديّن) و لا لوصف (ملتزم), و لم يكن في يوما من الأيام... (رجل دين)!!ـ
Brilliant
Nov/07